أعياد الميلاد
شهرى أغسطس و سبتمبر من أكثر الشهور التى تحتوى على أعياد الميلاد و بالتالى تجد حالات الأكتئاب متفشية بين الناس خوفا من فكرة أنهم سوق يكبرون فى السن بدون تحقيق أى من الأشياء التى يريدونها، فتجد الرجل الذى يندب حظه لأنه ليس مدير هام فى أحد الشركات الأجنبية الكبرى ، و السيدة التى لاتزال تنتظر الزوج المثالى ، و الرجل الذى تزوج من فتاه لا يحبها، و الفتاه التى لا تستطيع تحديد هويتها و مركزها فى الحياة ، و الشاب الذى لازال غير قادر على الأنفصال من أمه و الرجل الكهل الذى لم يرزقه الله بأولاد ، و السيدة التى تنتظر أحفاد من أولادها و هم ليسوا متزوجين. تختلف الأسباب و لكن الشعور واحد، الشعور بالحسرة و الألم و أن الحياة لم تعطى ذلك الرجل أو تلك السيدة ما أعطت الأخرين من أقرباهم و أصدقائهم و معارفهم وبالرغم من كلنا نمر بتلك الأوقات و لكن ما أجده غريبا أن الأنسان ضيق التفكير ، فأننا عندما ندرس موقف معين و خاصة عندما يكون ذلك الموقف متعلق برغبة خاصة، فتجدنا لا ندرس الوجه الأخر للعملة أى المشاكل التى قد تواجهنا أذا تحققت تلك الرغبة، فمثلا ذلك الشاب الذى يريد وظيفة فى أحد الشركات الكبرى ، لم يدرس كمية الوقت و المجهود الذى سوف يقضيه فى تلبية رغبات و أوامر الأخرين ، أو أن هناك مواقف قد يتعرض لها و التى قد تؤثر فى أخلاقيات عمله و كمية النفاق الذى تجده فى تلك الشركات و الخ... فنحن عندما نفكر فى رغبة من رغباتنا نفشل فى رؤية كل الأحتمالات و نركز على السعادة التى سوف نتمتع بها عندما ننفذ تلك الرغبة . لست أقول أننا ليس المفروض أن نرغب و نتمنى و لكن يجب أن ندرس كل الأحتمالات و ندرك أن الحصول على شىء معين لا يضمن السعادة و راحة البال، فذلك الشىء الذى نريدة قد يجلب مشاكل لا حصر لها و ينتج عنها أسى شديد ، أشد من عدم حصولنا على تلك الأشياء. لقد وجدت أن أهم شىء فى الحياة هو الرضى و بالرغم من أنى أجد تحقيق الرضى صعب فى بعض الأحيان و لكنى أحاول أن أسعى له و أعلم أن ما لم يقسم الله لى قد يحتوى على أذى شديد و لكنى لا أستطيع أن أدرك ذلك الأذى بتفكيرى المحدود
و فى رأى أن السعادة هى فكرة مثالية عن الرضى و قد تبلورت تلك الفكرة فى أذهاننا عن طريق الكتب و الحكايات الخيالية و الأفلام الغير الواقعية، ففى الحقيقة لا يوجد تعريف معين للسعادة بل هى شىء غير قابل للتعريف لأن السعادة هى شعور أو تفكير داخلى و خاص لكل أنسان فيختلف تعريف السعادة من شخص لأخر و لذلك فأن أى تعريف للسعادة موجود فى كتب أو أفلام سوف يكون ملوث بتفكير و شعور مؤلف الكتاب أو الفيلم فنستطيع أن نستنتج أن ذلك التعريف غير قابل للتطبيق على القارىء أو المشاهد، و ما أقصده أن كل شخص مسؤول عن أن يجد التعريف الخاص له للسعادة ، فبعض الأشخاص يجدون أنهم فرحون عندما يشعرون أنهم مطلبون و أخرون يجدون السعادة فى تمضية الوقت لوحدهم , و أخرون يجدون السعادة فى الخوف , و أخرون يجدون السعادة فى الهم و أخرون لا يجدون السعادة أبدا
الشىء الوحيد الذى يتفق عليه الجميع هو الرضى و هو الشىء الذى نستطيع تحقيقه بمجهود بسيط عن طريق الأعتراف أن الموقف الحالى لحياتى هو الموقف المثالى لتلك اللحظة و أن ذلك الموقف قد يتحسن أو يسوء فى المستقبل و لكن فى تلك اللحظه و هذا الوقت و فى ذلك المكان و مع هؤلاء الناس و بتلك النعم فهو حقا مثالى و أن أعياد الميلاد قد تجلب معها التقدم فى السن و لكنها تجلب أيضا أحتمالات جديدة لمواقف جديدة نستطيع أن نطبق فيها الرضى فتلك هى السعادة الحقيقية التى نستطيع أن نجدها فى الحياة
Comments